Whatsapp
أساسيات البحث العلمي
 
أساسيات البحث العلمي  


أساسيات البحث العلمي بمثابة النظام المنهجي أو الإطار البحثي الواجب الاعتماد عليه كليًا عند إعداد بحث أو دراسة علمية، لأن هذا النظام هو الوحيد القادر على الأخذ بيد الباحث في اتجاه الوصول إلى حلول واقعية قابلة للتطبيق لمشكلة البحث المطروحة.
من هنا، يتوجب على الباحث دراسة أسس البحث العلمي هذه بعناية شديدة قبل الشروع في عمله، حتى يستطيع عبور كل مراحل البحث العلمي بإيجابية، وفي الاتجاه الصحيح الذي يوصله إلى الغرض الأساسي الذي من أجله قرر بحث ودراسة هذه المشكلة دون غيرها، وكذلك لأن اعتماد أساسيات البحث العلمي مرتكز أساسي للبحث والدراسة هي الطريقة الوحيدة التي تسهم في الاعتراف بهذا البحث ونشره وتقديمه وتقييمه في الجهات الأكاديمية المعترف بها، والأساسيات هي التي تجعل من البحث مرجعًا علميًا يحتذى به ويستند إليه في الأبحاث والدراسات اللاحقة، وينسحب هذا الكلام على أبحاث الماجستير وعلى أبحاث الدكتوراه وعلى أي نوع ونمط من الدراسات والأبحاث الأكاديمية المرجعية.
 

أساسيات البحث العلمي

في دراسة والتعرف على أساسيات البحث العلمي تعرض أمام الباحث عدد من عناصر البحث العلمي التي لا بد له من تتبعها والعمل على كل عنصر فيها، وصولًا إلى نهايتها، هذه العناصر أو الأساسيات هي:

 

تحديد مشكلة البحث

الخطوة الأولى من خطوات البحث العلمي هي تحديد مشكلة البحث العلمي، المشكلة التي آثر الباحث تتبعها ووضع الحلول لها لعلاجها؛ فإذا ما سالنا أنفسنا ما هو البحث العلمي؟

 نجد التعريف المستقر يقول: "هو نشاط إنساني تحكمه قواعد ومعايير صارمة، يستهدف توصيف مشكلة علمية ما والعمل على حلها بغرض تنمية المجتمعات وازدهارها"، ومن ثم الهدف الرئيس لأي دراسة علمية هو تحديد مشكلة ومعالجتها، وعليه يكون تحديد مشكلة البحث هو الأساس الأهم من أساسيات البحث العلمي والدراسة العلمية.
لكن، ما هي مشكلة البحث العلمي؟

مشكلة البحث العلمي هي مشكلة ملموسة وواقعية في مجال تخصص الباحث، ومن شدة واقعيتها وتأثيرها على تخصص الباحث فإنها تلفت انتباهه، فضلًا عن تناول معلومات وبيانات عنها في مراجع ومصادر سابقة كثيرة حتى وإن كانت جديدة لم ينظر إليها من قبل، وفضلًا عن أولولية قابليتها للتحري والتقصي والتتبع المنهجي بطريقة علمية.
ومما يعطي تحديد مشكلة البحث أهمية كبرى بين كل أساسيات البحث العلمي أنها الركيزة الأولى التي ستحدد كافة المسارات البحثية اللاحقة، ولذلك يأتي ذكر مشكلة البحث في المقدمة عادةً، حيث تصير ردًا على سؤال ما السبب في القيام بهذه الدراسة أو بهذا البحث؟

وحتى يشار من خلال توصيفها إلى مدى خطورة استمراريتها في الواقع المجتمعي أو الواقع الأكاديمي، خصوصًا أن أساسيات البحث العلمي تفرض تحديد مشكلة البحث مع ربطها بواحد أو أكثر من المتغيرات.
 

وضع أسئلة البحث أو فرضيات البحث

وهي أكثر عناصر أساسيات البحث العلمي دلالة عل مدى تمتع الباحث بأهم وأشمل مهارات البحث العلمي الصحيح، فعقب تحديد المشكلة البحثية التي ستتناولها الدراسة، عليه صياغة مواصفات هذه المشكلة وتوابعها وارتباطاتها بالمتغيرات في مجموعة من الأسئلة أو الفرضيات الأولية، لتأتي مرحلة جمع البيانات والمعلومات فتؤكد مدى صحة أو عدم صحة هذه الفرضيات.
وجدير بالقول إن الفارق الجوهري بين أسئلة البحث وفرضيات البحث يتمثل في:
الأسئلة البحثية: غالبًا لا تشتمل إلا على متغير واحد ثابت، ولذلك تستخدم أسئلة البحث مع الأبحاث وثيقة الصلة بمشكلات المجتمع.
الفرضيات البحثية: غالبًا ما تشتمل على أكثر من متغير، في العادة متغيرين، أحدهما هو المتغير الثابت، كما أنهما ذوا علاقة وثيقة ببعضهما البعض، ولذلك الفرضيات أكثر استعمالًا مع الأبحاث العلمية في مجالات العلوم، فيزياء وكيمياء ورياضيات... وما شابه.
وسواءً استخدمت الأسئلة أو الفرضيات؛ فمن الضروري تمتعها بالتحديد والدقة والصياغة المختصرة والواضحة الخالية من التعبيرات الغريبة، وإذا ما تضمنت مصطلحات علمية؛ فمن الضروري توصيفها وتوضيحها في هوامش البحث.
ولكي لا يكون الكلام على أساسيات البحث العلمي وخطواته نظريًا مبهمًا، لنوضح خطوات البحث العلمي مع مثال فيما يخص صياغة الأسئلة أو صياغة الفرضيات:
أمثلة أسئلة البحث: ما درجة قبول المجتمع للتكنولوجيا؟ ما معدلات تفوق الطالبات بالمدارس الثانوية؟ نلاحظ هنا اقتصار أسئلة البحث على متغير واحد فقط، وهو المشار إليه في كل سؤال بخط سفلي.
أمثلة فرضيات البحث: ما العلاقة بين تلوث البيئة والأمراض الصدرية؟ ما الرابط بين مرض التهاب الكبد الوبائي وبين آليات نقل الدم؟ نلاحظ هنا اشتمال كل فرضية على متغيرين، أحدهما ثابت، والآخر تابع؛ فالتلوث البيئي هو المتغير الثابت في الفرضية، بينما الأمراض الصدرية تمثل المتغير التابع.

 

جمع البيانات والمعلومات

 

الأساس الثالث في أساسيات البحث العلمي هو جمع البيانات والمعلومات عن المشكلة المقترح علاجها؛ لإثبات مدى صحة وواقعية الأسئلة أو الفرضيات، نظرًا لأن عدم وجود بيانات مدققة ومعلومات مصححة؛ فإنه لا مجال لتقديم الأدلة الدامغة على صحة أسئلة البحث أو فرضيات البحث، ولا مجال قدرة للرد عليها.
وباختلاف طريقة البحث العلمي المتبعة تختلف مصادر البيانات والمعلومات الواجب الاعتماد عليها، مع القول أنه في العادة يعتمد الباحث على أكثر من طريقة وأكثر من مسار لجمع البيانات والمعلومات، من بين طرق ومسارات الجمع هذه:
معلومات الكتب والمراجع التي تناولت نفس المشكلة أو مشكلة شبيه لها من قبل، وتزخر المكتبات ودور النشر بالكثير من الكتب التي صيغت لمشكلة واحدة.
بيانات ومعلومات الموسوعات العلمية التي تختلف عن الكتب والمراجع في الشكل والمضمون وتوقيات النشر، فهي عبارة عن مجلدات ضخمة تنتج للمتخصصين في المجال الأكاديمي دون العوام، وهي في العادة تصدر في توقيتات محددة منتظمة.
معلومات وإحصاءات المجلات العلمية التي تمثل أكثر مصادر المعلومات والبيانات تركيزًا، لأنها عبارة عن مقالات متخصصة ووفيرة الإحصاءات والأرقام.
الشبكة العنكبوتية صارت في الوقت الراهن واحدًا من مسارات جمع المعلومات والبيانات المهمة لما تتمتع به من وفرة وغنى، مع اشتراط موثوقية الموقع الإلكتروني المنقول عنه وموثوقية المعلومات فيه.
المعلومات والبيانات المكتسبة من الواقع، أو بالأحرى من عينة الدراسة التي حددها الباحث وانتقاها بعناية فائقة، كما حدد طريقة جمع المعلومات الأمثل مع تلك العينة؛ حيث إن من أساسيات البحث العلمي اختيار منهج البحث، وهذا المنهج هو المحدد لمواصفات وشروط عينة الأفراد كبيرة أو صغيرة، الذين سيمثلون مجتمع الدراسة ككل، ثم تحديد طريقة استخلاص البيانات والمعلومات من تلك العينة بالطريقة التي تخدم البحث وتستهدف الوصول إلى النتائج.
البيانات والمعلومات المسحية، أو التي يطلق عليها البحث الشامل، وهي طريقة جمع المعلومات والبيانات التي تعتمد عليها بشكل أكبر الدول والمنظمات الكبرى، لأنها تتطلب ميزانيات مالية ضخمة وأوقات عمل ممتدة، وهنا يتم عمل مسح شامل لمجتمع الدراسة ككل دون الاقتصار على عينة منه، ومن ثم الوقوف على المعلومات والبيانات التي أفضى إليها هذا المسح، مثال ذلك حصر عدد المواليد وعدد الوفيات في دولة ما.

 

توثيق مصادر البيانات والمعلومات

توثيق كل معلومة وردت في البحث العلمي أحد أهم معايير البحث العلمي الناجح والفعال والمعترف به، فكما اشتملت أساسيات البحث العلمي على جمع البيانات والمعلومات، وتحددت لهذا الجمع طرق ومسارات عدة؛ فإن التوثيق هو من يعمل على إثبات الصحيح واستبعاد الضعيف منها، علاوةً على أن للتوثيق دلالة على حجم المجهود الذي بذله الباحث في كل مرحلة من مراحل البحث، وعلى مدى تمتعه بكل مهارات البحث العلمي والأمانة الأكاديمية.
ومن جدير القول إن طرق التوثيق متعددة وكثيرة، منها مثلًا الطريقة المعتمدة من هارفرد، والطريقة المعتمدة من جمعية علم النفس الأميركية، وغيرهما الكثير، وعادةً ما ينتهج في التوثيق طريقة توزيع المعلومات والبيانات على أبواب، قد ينبثق عنها فصول، قد يندرج تحتها مباحث، مع الأخذ في الاعتبار ترتيب عناصر البحث العلمي وفق المنهج المتبع، وكذلك إثبات كل المراجع التي اعتمد عليها واقتبس منها في قائمة مستقلة توضع آخر البحث العلمي المطبوع بعد الخاتمة مباشرة.

 

الترابط البنائي لمراحل البحث

من أساسيات البحث العلمي وضع حدود البحث العلمي الزمانية والمكانية، وكذلك اختيار المنهج البحثي المتوافق مع أهداف البحث والغرض منه، كل هذا يفرض على الباحث واحد من أوائل أسس البحث العلمي وأهمها، ألا وهو ترابط وتسلسل أفكار البحث من البداية إلى النهاية، من المقدمة إلى الخاتمة، ليكون المنتج النهائي واضحًا في إبراز علاقة كل عنصر وكل خطوة من خطوات البحث العلمي بما قبلها وما بعدها، وعليه لا يقبل الانجرار لمشكلات فرعية، وكذلك لا يقبل في البحث العلمي القفز على العناصر أو عشوائية ترتيبها.

 

نتائج البحث العلمي

باتباع ما سبق من أساسيات البحث العلمي يصل الباحث وصولًا رائقًا إلى نتائج واضحة، يستطيع معها وضع اقتراحات وتوصيات فعالة تسهم واقعيًا في حل المشكلة المطروحة. 
 

المصدر: أساسيات البحث العلمي


ابقى على تواصل معنا ... نحن بخدمتك