Whatsapp
تساؤلات البحث
 
تساؤلات البحث  


إعداد وصياغة تساؤلات البحث مرحلة أساسية لا مفرَّ منها من مراحل إعداد الأبحاث والرسائل العلمية، والتي لا يمكن الوصول إلى النتائج المرجوة من دونها أبدًا، لذلك يمكن أن نعتبرها أكثر مراحل الإعداد طلبًا لتحرِّي الموضوعية والدقة، بل وتحتاج بما لا يدع مجالًا للشك إلى لبس الباحث ثوب الطرف المُحايد الذي ينأى بنفسه عن إقرارات مُسبقة أو رؤى شخصية تفرض نفسه على أداء وتنفيذ وصياغة تساؤلات البحث التي تنقسم بطبيعتها إلى تساؤلات بحث أساسية وتساؤلات بحث فرعية، أي إن الباحث الأمين هو ذلك المثابر المجتهد الساعي نحو الحقيقة أيًا كانت، ومن تلك الصفات الأكاديمية يقوم بصياغة تساؤلات البحث المنطقية المحققة للأهداف.
 

تعريف تساؤلات البحث

التأصيل العلمي الأكاديمي لمفهوم تساؤلات البحث واجب فرضه الواقع البحثي والأكاديمي، وذلك لكثير من الخلط والتردد حينما يطرح سؤال ما هي تساؤلات البحث؟

 

ونرى أن تعريف تساؤلات البحث الأمثل والمستقر عليه في كل المجامع العلمية هو الذي يقول إن تساؤلات البحث أو أسئلة البحث كما يطلق عليها البعض هي مجموعة العبارات الاستفهامية التي يصيغها الباحث أثناء مراحل إعداده للبحث العلمي، وهي التساؤلات أو الأسئلة التي تستهدف ترجمة أهداف البحث وبلورتها في صورة أسئلة وتعبيرات استفهامية قابلة للحل.

 

إذن، تساؤلات البحث هي المدخل الرئيس أو البوابة التي سينفذ منها الباحث نحو الأهداف المرجوة من بحثه محل العمل، ولكن بشرط قابليتها للحل، وعليه تسعين تلك التساؤلات بأدوات استفهامية من امثال لماذا وماذا وهل وما وكيف.... إلخ، بهدف التعبير عن التصورات المتقدة بالذهن، والتي تحاول (أي التصورات) فك طلاسم إشكاليات وقضايا البحث، ومن ثم تساؤلات البحث ظنية في البداية ولم تثبت صحتها حتى لحظة صياغتها، ليأتي عمل الباحث قاطعًا الشك باليقين عبر الإجابة عن تلك التساؤلات جميعًا إجابات كافية وافية خلال مضمون بحثه العلمي.

 

مهارة تساؤلات البحث

مما سبق نستنتج إلزامية تمتع الباحث بعناصر مهارة تساؤلات البحث العملي الأكاديمي، ولن يمتلك تلك المهارة بالضرورة دونما وقوف كامل على أهمية تساؤلات البحث من جوانبها المتعددة.

وتشمل تساؤلات الدراسة في البحث العلمي على أهميات كثر، فقد ذكرنا سلفًا أنها المنبع الرئيس لأهداف البحث والغرض منه، بل وهي أيضًا صاحبة رسم المسار والسياق الذي سيسلكه الباحث للوصول إلى تلك الأهداف وتحقيق كل الأغراض المُرتجاه من البحث والتدقيق.

وإن كانت تلك أهمية تساؤلات البحث العلمي الأولية أو المقدمة؛ فإن لها على جانب آخر أهمية إجرائية، حيث لا يمكن نعت العمل المُنجز بوصف بحث علمي ما لم يتبع الإجراءات المنهجية الأكاديمية المتعارف عليها، والتي من بينها وضع تساؤلات البحث والرد عليها، وبالأخص مع الأبحاث العلمية الوصفية التي تلعب فيها تساؤلات البحث الدور الأهم والأبرز في تعضيد البحث وإيجاد الباحث لضالته المنشودة، فضلًا عن أنها تحدد خطى السير اللازمة في إنجاز كل مهام ومتطلبات موضوع البحث.

تساؤلات البحث لها أهمية تحفيزية أخرى، فمن دونها لن يتشجع الباحث على مطالعة كل البيانات والمعلومات المرتبطة بموضع بحثه، سواءً البيانات والمعلومات المباشرة أو غير المباشرة؛ فطالما أن هناك أسئلة تتطلب إيضاح الإجابات الشافية والكافية؛ فإنه لا بد من الاطلاع والفحص لكل ما كتبه السابقون من كلام وإجابات حول موضوع السؤال، الأمر الذي يفيد في تدعيم وإثبات بعضها، وطرح وتفنيد أخطاء البعض الآخر... إلى آخر تلك المهام الهادفة إلى التوصل إلى إجابات كاملة وواضحة مدعمة بالقرائن والبراهين والأدلة والشواهد.

أخيرًا، تشتمل أهمية تساؤلات البحث على لعب الدور المحوري في تحديد طريقة اختيار عينة الدراسة، وفي اختيار أداة البحث التي تناسب العينة من جهة، وتعطي الإجابات الكاملة على تساؤلات البحث من جهة أخرى، لأن كل باحث تتراءى أمامه عدة أدوات بحثية، أبرزها المقابلة والاستبيان والملاحظة، ومنهج البحث والعينة، إلى جانب تساؤلات البحث هم العوامل المحددة للأداة الأمثل.

 

 

كيفية وضع تساؤلات البحث

كيفية وضع تساؤلات البحث مدخل من المهم على كل باحث التعرف عليه ودراسته جيدًا، ثم مطابقته مع خصائص وسمات بحثه العلمي، ذلك بهدف عدم الحيد عن السياق العام للدراسة العلمية، وعدم الدخول في متاهات تحيد بصاحبها عن الأهداف الرئيسة للبحث. أولى موجبات المعرفة فيما يخص الكيفية، هو التعرف على سمات تساؤلات البحث والشكل الذي يجب أن تكون عليه، ومنها:

 

  • الوضوح:

فوجب أن تصاغ تساؤلات البحث في عبارات قصيرة نوعًا ما، ومفهومة، ولا تشتمل على أي تعبيرات مبهمة أو غامضة أو تحتمل أكثر من معنى، ويسمح فقط بتضمينها مصطلحات علمية خاصة بمجال وموضوع البحث، لا يمكن إغفالها أو التغاضي عنها، وفي حالة استعمال مصطلحات علمية فرضًا وبلا مجال لعدم استعمالها، وجب وضع تعريف لغوي وآخر اصطلاحي لكل مصطلح في جزء مستقل من أجزاء البحث لتسهيل فهمها وقراءتها لكل من يطلع على البحث العلمي من غير المتخصصين.

 

  • اشتمال الأسئلة على المتغيرات:

حتى تكون تساؤلات البحث جدية وشديدة الترابط مع موضوع البحث الأساسي؛ فلا بد من تضمين أي متغيرات متعلقة بالبحث فيها، والمقصود بالمتغير هنا أي ظاهرة أو سمة خاصة بموضوع البحث يمكن قياسها بالأرقام، وفي الوقت نفسه من الوارد ارتفاع وانخفاض هذا الرقم وفق عوامل معينة، بمعنى آخر أنها ظاهرة أو سمة غير ثابتة.

 

  • قابلة التفسير:

لا يمكن صياغة تساؤلات البحث على نحو غير واقعي أو غير مقبول عقلًا، بل لا بد من قابليتها للتفسير والتحقيق على أرض الواقع، وكذلك القابلية للقياس، ومن ثم تكون قابلة للحل.

 

  • الإفادة:

بما أن تساؤلات البحث هي المحدد الأول لأغراض البحث وأهدافه، وأنها التي تقول للقارئ لماذا اتجه الباحث للعمل على هذا الموضوع؛ فلا بد مع كل ذلك أن تكون مفيدة وصحيحة المعلومات، وأيضًا مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بتخصص الباحث العلمي، الأمر الذي يتأكد معه مدى الدور الذي سيلعبه مجهود هذا الباحث في تطوير تخصصه العلمي، وبالتبعية تطوير وتنمية المجتمعات البشرية، ومن صور إفادة تساؤلات البحث لمجتمع العلوم وشريحة القراء أن تكون الإجابات عنها مبتكرة غير مقلدة ولا مكررة، وإلا فيما الفائدة من إعادة ما وصل إليه الأولون من استنتاجات ومعلومات، ولكن بصيغة لغوية جديدة.

 

  • إثارة الفضول:

تنبثق عن خاصية فائدة تساؤلات البحث للمجتمعات البشرية، وفي القلب منها المجتمعات الأكاديمية، خاصية تابعة، ألا وهي إثارة فضول القراء؛ فما لم تلفت تساؤلات البحث أنظار القراء من المتخصصين والمهتمين بمجال وموضوع البحث؛ فلا طائل منها ولا من البحث كله، في حين أن إثارتها للفضول تزيد من رغبة التعمق في قراءة البحث واكتشاف جديد الأجوبة التي توصل إليها.

 

فروض البحث

ثمة مشكلة نظرية تواجه شباب الباحثين تتمثل في عدم فهم الحدود الفاصلة بين تساؤلات البحث وبين فروض البحث والفرضيات والافتراضات بحسب تعدد التسميات، وبإمكاننا إبراز كل الفروق في نقاط سريعة، هي:

 

تساؤلات البحث أو أسئلة البحث:

تكون في صورة استفهام، مشتملة على متغير أو أكثر، سواءً أكان متغيرًا مستقلًا أم تابعًا مع شيوع استعمالها في الأبحاث الاجتماعية والتربوية، أول لنقل الوصفية، كما أنها يمكن أن تأخذ شكل السؤال الرئيس المنبثق عنه عدة أسئلة فرعية ذات صلة.

 

فروض البحث:

تصاغ بصيغ خبرية، تشتمل الفرضية الواحدة منها على علاقة واحدة بين المتغير المستقل والمتغير التابع أكثر استخداماتها في أبحاث العلوم الطبيعية، من الوارد صياغة عدد كبير من فروض البحث حيث تتحكم المتغيرات في ذلك.

 

افتراضات البحث:

هذه هي القواعد والنظريات التي سبق تأكيد صحتها ولا مجال لإعادة التشكيك فيها مطلقًا، وتصاغ في البحث العلمي الجديد على أساس كونها معطيات مبدئية سيتم البناء عليها لإثبات افتراضات جديدة.

 


ابقى على تواصل معنا ... نحن بخدمتك