محتويات البحث العلمي – أيًا كان الفرع الأكاديمي لهذا البحث – هي آلية شكله وترتيبه ومعالمه التي فرضها الواقع الأكاديمي الذي ينبغي ويستهدف الإبداع وإبراز الجديد في موضوع البحث،
أو بالأحرى هو النظام الاسترسالي للكتابة الذي سينطبق على البحوث والرسائل العلمية، والذي استقرت عليه المجامع العلمية عامةً.
عناصر البحث العلمي
التعرف على عناصر البحث العلمي وكيفية صياغتها وترتيبها وتنسيقها مسار من المسارات الأكاديمية التي يتدرب عليها الباحث ويدرسها كما يدرس تخصصه الأكاديمي،
ولذا خصصنا هذا المقال في عرض تلك العناصر بالترتيب مع بيان سريع لمقتضيات كل عنصر.
مكونات البحث
تأخذ مكونات البحث العلمي الشكل والترتيب التالي:
-
العنوان
أول ما يعمل عليه الباحث في محتويات البحث هو اختيار عنوان شامل ودقيق مع الاختصار للبحث محل العمل،
وهذا الاختيار يتزامن مع وضع الباحث خطة/ مقترح البحث العلمي، أو كما يعرف بالبروبوزال، بمعنى أن العنوان ضمن الخطوات الأولية للبحث،
وهو ما يجعله خطوة سابقة جدًا على التنفيذ الفعلي، ومن السمات الملزمة في عنوان البحث السهولة والوضوح والمباشرة والارتباط بالتفصيلة العلمية التي سيناقشها البحث،
وذلك لكي يعكس موضوع الدراسة، ومن الاشتراطات أيضًا الإيجاز في عدد الكلمات،
وألا يكون قد استهلك في دراسات سابقة، مع ضرورة اشتماله على واحد من المتغيرات المستقل على الأقل.
-
الإهداء
يعقب عنوان البحث العلمي بالضرورة صفحة مخصصة للإهداء، وللإهداء في البحوث والدراسات العلمية أصول وقواعد،
أولها أن يتكون من فقرات لا تمت بموضوع البحث بصلة، فكل ما يستهدفه الباحث من هذا الإهداء نسب الفضل لأهله،
والاعتراف بجميل من عاونوه بشكل مباشر أو غير مباشر في إتمام هذا العمل، بل وتفوقه وتميزه الدنيوي والأكاديمي بشكل عام،
من أمثال الوالدين والزوجة والأخوات وأي من الأقارب أو الأهل والأصدقاء، وحبذا أساتذته من غير ذوي الصلة بالبحث محل العمل والتقييم،
لأن لهم عنصرًا خاصًا بهم، من الواجب أيضًا أن يصاغ الإهداء بعبارات وتشبيهات لغوية إبداعية وأدبية، لإبراز الموهبة اللغوية.
-
الشكر والتقدير
هذه هي الصفحة من محتويات البحث المخصصة للاعتراف بشكر وامتنان وتقدير الباحث لكل من أرشدوه وساعدوه في إعداد البحث من الأساتذة والمشرفين،
حتى ولو كانت تلك المساعدة في صورة النصح والإرشاد وتوليد الأفكار أو الإمداد بالمراجع والكتب والدوريات،
أو المساهمة الفعلية في فتح ما استغلق على الباحث من مشكلات والوصول بالدراسة إلى هذا الشكل الذي هي عليه،
ومن موجبات الكياسة اشتمال عنصر الشكل والتقدير على الاعتراف بالامتنان لعينة الدراسة المفحوصين لدورهم في إمداد الباحث بالمعلومات والبيانات التي لعبت الدور في وضع النتائج والتصور النهائي.
-
ملخص الدراسة
ملخص الدراسة أحد أهم خطوات البحث العلمي لأنه الجزء الذي يوضح فيه الباحث بشكل مختصر ووجيز محتويات البحث
ليعمل في نفسية القارئ عمل المدخل لما توصلت إليه الدراسة من نتائج، ولكي تعم الفائدة يطلب كتابة هذا الملخص باللغتين العربية والإنجليزية.
-
مقدمة بحث علمي
مقدمة بحث علمي تفرض فيها مجموعة معينة من العناصر والبنود لكي تصبح مؤهلة كواحدة من محتويات البحث المهمة،
فتلك البنود هي يحكم على أساسها تصنيف العمل المنجز ضمن الأبحاث العلمية، وليس ضمن أي نوع آخر من أنواع المعارف المكتوبة، تتلخص تلك البنود في:
-
الاستعراض المختصر للموضوع، حيث يتناول الباحث بالشرح الموجز طبيعة موضوع الدراسة وماهيته دون الدخول في تفاصيل.
-
الاستعراض الوافي لأهداف الدراسة، حيث يشرح الباحث عبر فقرات مترابطة المستهدفات التي دفعته في تولي هذا الموضوع بالعمل البحثي، وما يتطلع إليه من نتائج تحققها المنهجية المستخدمة، وجدير القول إنه مما يعطي أهداف البحث أهمية ضمن محتويات البحث أنها الانعكاس المباشر لما تم وضعه من تساؤلات أو فرضيات البحث، ففي العادة لا تصاغ الأسئلة والفرضيات إلا على النحو الذي تحقق معها الإجابات عليها الأهداف الرئيسة من تناول هذا الموضوع، سواءً أكان جديدًا لأول مرة، أو تمت مناقشته وبحثه سلفًا.
-
الاستعراض المؤكد لأهمية البحث، حيث يشرح الباحث الأسباب التي حفزته ودفعته لاختيار المشكلة المرتبطة بصميم التخصص الأكاديمي له ومناقشتها في بحث علمي، ومن الضروري تقسيم الباحث تلك الأهميات إلى نظرية وعملية.
-
وصف مصطلحات الدراسة، والمصطلحات هي الكلمات والمتغيرات والتعبيرات التي ستتكرر في البحث، وقد يغلق تعريفها ووصفها على غير المتخصصين، على أن يقوم بتعريفها من الوجهة اللغوية والوجهة الإجرائية/ الاصطلاحية، الأمر الذي يسهل على القارئ فهم مغزاها في كل مرة تذكر فيها.
-
وصف عينة الدراسة، حيث يشرح الباحث آلية اختياره لعينة المفحوصين من المجتمع البحثي المعني بموضوع الدراسة، وكذلك شرح آليات التعامل معها واستخراج المعلومات والبيانات منهم.
-
تحديد أدوات البحث، حتى يكون القارئ على علم كامل بالمراحل التنفيذية للبحث، وبالطريقة التي من خلالها تم الوصول إلى النتائج، تشتمل محتويات البحث ومحتويات المقدمة على وصف لمجموعة الأدوات التي اعتمد عليها الباحث في استقراء المعلومات ومطابقتها وتحليلها، والتي من أبرزها الاستبيان والمقابلة والاختبارات والملاحظة، مع ضرورة الإشارة إلى أسباب اختياره لهذه الأداة/ الأدوات بالتحديد.
-
شرح منهج الدراسة، والمنهج يعني الطريقة التي اختارها الباحث لفحص ودراسة إشكالية البحث، وهذه الطرق عديدة، بل وكل طريقة تشتمل على أنواع شتى، ومن أبرز الطرق المنهج الوصفي والتاريخي والتجريبي والاستنباطي والمقارن والاستقرائي.
-
توضيح تساؤلات البحث أو فرضيات البحث، وهي مجموعة الاستفسارات التي يطرحها الباحث على نفسه في أول العمل، وينطلق في البحث عن إجابات لها بغرض حل المشكلة ذات الصلة بالموضوع، والتي يناقشها في البحث، ومن الجدر الإشارة إلى أن تساؤلات البحث أنسب الوسائل لدراسة المشكلات والقضايا الاجتماعية، بينما فرضيات البحث أنسب للعلوم الطبيعية لأنها بالضرورة تعكس العلاقة بين متغيرين.
-
عرض محددات البحث، المحددات هي القيود التي فرضها الباحث على نفسه أثناء العمل لكي لا يتشتت ويخرج عن السياق المحدد، من أبرزها محددات وقيود زمنية وجغرافية وموضوعية... إلخ.
-
الإطار النظري
الطريقة العلمية في الأبحاث الأكاديمية تختلف عن مجرد تأليف كتاب، في كل ما سبق من محتويات البحث عبارة عن وضع القارئ في الصورة التنفيذية للبحث،
أو بمعنى آخر إعلامه بالمهام والأمور التي أحاطت بتنفيذ الدراسة قبل الدراسة، ثم يأتي الإطار النظري للدراسة،
والذي في الغالب تشكل عدد صفحاته ما بين 60 في المئة و70 في المئة من إجمالي عدد صفحات الدراسة،
حيث يشرح فيه باستفاضة موضوع البحث والإشكالية المنبثقة عنه، كمدخل لما بعد ذلك من النتائج والتوصيات،
ولذلك عادةً ما يشمل الإطار النظري عدة أبواب، وقد ينبثق عن تلك الأبواب فصول ومباحث، ليكون كما ذكرنا أهم وأطول محتويات البحث العلمي.
- وكما ذكرنا قد ينقسم الإطار النظري إلى أبواب فقط، ويمكن يتفرع عنها فصول لكل باب، بل وقد يتفرع عن كل فصل مبحث أو أكثر،
وهكذا بحسب الحاجة ووفق اعتبارات كثيرة جدًا، المهم ألا يحيد الباحث عن المحاور الأساسية للموضوع وللمشكلة محل الدراسة
إلى أمور فرعية غير مستهدفة أو بعيدة التأثير في النتائج، كما من المهم خلو الإطار النظري من الأخطاء اللغوية والنحوية والعلمية،
كما لا بد من الموضوعية في المناقشة وعدم التحيز الأعمى لنتائج ونظريات لا دلائل ولا قرائن عليها.
- وتجدر الإشارة إلى أن بعض الأكاديميات تفرض استعراض عدد من الدراسات الســــابقة ذات الصلة بقضية البحث في جزء خاص يقع ضمن نطاق الإطار النظري،
وذلك من خلال عرض أسماء تلك الدراسات وأسماء أصحابها والقائمين عليها، مع توضيح أبرز النتائج التي توصلوا إليها ونقدها بأسلوب منهجي بناء بعيد عن التجريح،
ومن ناحية أخرى ترى بعض الجامعات والأكاديميات فصل هذا الجزء عن الإطار النظري وإلحاقه بمقدمة البحث العلمي، ليكون عنصرًا من عناصرها.
-
الخاتمة
خاتمة البحث العلمي هي عنصر محتويات البحث الذي سيجمع كل ما تقدم في شكل نقاط محددة، فبعد عرضو توضيح كل ما يلزم عن القضية موضوع البحث؛
يأتي الدور هنا على عرض النتائج التي توصل إليها الباحث عرض الاستنتاجات التي بلغته، وهذا العرض في صورة بنود مرتبة بترتيب ورود تساؤلات أو فرضيات البحث.
وتتبع النتائج بالتوصيات، وهي مجموعة الأفكار التي ما إن طبقها أصحاب القرار في المجتمع حتى كان علاج المشكلة المبحوثة أكيدًا.
كما يمكن للباحث في الخاتمة استعراض مقترحات بحثية جديدة لموضوعات ذات صلة بنفس المشكلة المبحوثة،
لكي يتناولها اللاحقون من الباحثين في دراسات مستقبلية فيكتمل حل كل أبعاد القضية أو المشكلة.
وتختم الخاتمة بعرض موجز للمعوقات التي قابلت الباحث وكيفية تصديه لها وتجاوزها.
-
المراجع
يفرض بين محتويات البحث ذكر كل المراجع التي تمت الاستعانة بها خلال العمل البحثي، وذلك لنسب الفضل لأصحابه، ولتحقيق الأمانة العلمية،
ومن المستقر عليه ترتيب مراجع البحث أبجديًا، وغذا ما استعان الباحث بمراجع أجنبية، فإن ذكرها يعقب المراجع العربية في قائمة مستقلة،
مع تنسيقها وفق واحدة من طرق التنظيم الأكاديمية المعتمدة مثل APA وMLA،
وبشكل عام تأتي المراجع الإلكترونية العربية في نهاية قائمة المراجع العربية التي تبدأ بالمطبوعات الملموسة، والحال بالمثل مع قائمة المراجع الأجنبية.
-
المرفقات
أي صور فوتوغرافية أو رسوم بيانية أو نماذج عمل أو جداول إحصائية تضمن في هذا القسم، مع وصف بسيط أسفل كل منها.
-
فهرس المحتويات
فهرس المحتويات هو آخر ما يتم تخطيطه وتنسيقه في محتويات البحث من الناحية الإجرائية، والبعض يفضل وضعه آخر الدراسة،
والبعض يضعه عقب صفحة الشكر والتقدير مباشرة، وأيًا كان فهو من شقين، الأول للعناوين الرئيسة والفرعية، والثاني لرقم الصفحة الوارد فيها هذا العنوان.