للمنهج العلمي أهمية كبيرة؛ فهو السبيل نحو دراسة أي مشكلة أو ظاهرة بأسلوب علمي، وللمنهج العلمي كثير من المسميات، ومن بين ذلك: الطريقة العلمية، ومنهج العلوم، والأسلوب العلمي، وجميعهم يعبرون عن مفهوم واحد، وهو ألأسلوب المنظم المنضبط الذي يستطيع الباحث من خلاله أن يتوصل لنتائج في نهاية دراسته، ولقد برع العلماء في وضع عديد من المناهج العلمية، واختيار الباحث لمنهج أو أكثر يتوقف على نوعية المشكلة المُراد تناولها، وسنتناول في مقالنا تعريف المنهج لغة واصطلاحًا مع أطروحات أخرى مهمة للغاية.

عناصر المقال:

• ما تعريف المنهج لغة واصطلًاحًا؟
• ما أبرز تصنيفات مناهج البحث العلمي؟
• هل الأفضل استخدام منهج علمي واحد أو أكثر عن عمل البحوث العلمية؟

ـــــــــــــــــــــــــــ

ما تعريف المنهج لغة واصطلاحًا؟

تعريف المنهج لغةَ:

كلمة أو لفظة "المنهج" عبارة عن مصدر مشتق من الفعل الثلاثي: نهج، والجمع مناهيج، ومناهج، ومعنى الفعل "نهج": اتبع، أو سلك، و"المنهج": يعرف على أنه الطريق الواضح البين القويم، وبالنسبة للفظة "المنهاج" المشتقة أيضًا من الفعل "نهج"؛ فهي تعني خطة مُعدة بشكل مُسبق، ولقد جاءت هذه الكلمة في القرآن الكريم في سورة المائدة الآية رقم (48): بسم الله الرحمن الرحيم: "لكل منا جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا" صدق الله العظيم.

كلمات ذات علاقة: نهجه، ومنهجية، ومناهيج، ومنهوج، وانتهج، واستنهج، ومنهاج، ونهوج، وناهج، وأنهج، ونهج.

تعريف المنهج اصطلاحًا:

كلمة المنهج باللغة الإنجليزية تكتب Method""، وباللغة الفرنسية تكتب "Mėthode"، والمتتبع لأصل هذه الكلمة يجد أنها لاتينية الأصل، وتُكتب "Methodus".

ولقد أستخدم علماء دولة اليونان القديمة هذه اللفظة، وكان لها تعريفات وفقًا لوجهات نظر مختلفة؛ وعلى سبيل المثال:

نجد أن "أرسطو" استخدمها بمعنى البحث، أما "أفلاطون" فقد استخدمها بمعنى النظر أو البحث أو المعرفة، واستخدمها مجموعة أخرى من العلماء والفلاسفة على أنها الطريقة المستخدمة في جمع البيانات، وبالنسبة للمعني الأصلي لهذه الكلمة كما أوضحنا سلفًا فإنها تعني باللغة العربية المنهج أو الطريق الذي يساعد في الوصول لغاية معينة.

"المنهج العلمي": يعني طريقة يمكن من خلالها الكشف عن الحقائق ووضع البراهين، و"مناهج التعليم": تعني مجموعة البرامج الدراسية والأساليب والطرق المستخدمة في التعلم، و"مناهج الصناعة": تعني طرق التصنيع، وإنتاج المنتجات.

بدأ العمل بمصطلح المنهج العلمي اعتبارًا من القرن السابع عشر، حيث استخدمه علماء عدَّة، ومن أبرزها جون ستيورات ميل، ورينيه ديكارت، وكانط، وفرانسيس بيكون، ومورينو، ووليم توماس، ودور كايم، وجون ديو، ولكل مما سبق ذكرهم إسهامات ضخمة في وضع أطر للمناهج العلمية مع اختلاف توجهات كل منهم. 

ما أبرز تصنيفات مناهج البحث العلمي؟

وضع الفقهاء والخبراء تصنيفات عدَّة لمناهج البحث العلمي، وخضع ذلك لوجهات نظر كل خبير، وسنوضح تصنيفات لعلماء أجانب وعرب كما يلي:

العلماء الأجانب:

• تصنيف مناهج البحث العلمي تبعًا لوجهة نظر العالمان "سكيتس" و"جوود": تم تقسيم المناهج إلى: منهج الدراسات المسحية، المنهج الوصفي، ومنهج دراسات التطور والنمو، والمنهج التجريبي، والمنهج المونوجرافي.
• تصنيف مناهج البحث العلمي تبعًا لوجهة نظر العالم "هويتني": تم تقسيم المناهج إلى: المنهج التجريبي، المنهج الوصفي، والمنهج الاجتماعي، والمنهج التنبؤي، والمنهج الإبداعي، والمنتهج الفلسفي، والمنهج التاريخي.
• تصنيف مناهج البحث العلمي تبعًا لوجهة نظر العالم "ماركيز": تم تقسيم المناهج إلى: المنهج الأنثروبولوجي، ومنهج المسوحات الاجتماعية، والمنهج التجريبي، ومنهج دراسة الحالة الواحدة، والمنهج التاريخي، والمنهج الفلسفي.

العلماء العرب:

• تصنيف مناهج البحث العلمي تبعًا لوجهة نظر العالم "عبد الباسط محمد حسين": تم تقسيم المناهج إلى: منهج المسوحات، والمنهج التاريخي، والمنهج التجريبي، والمنهج المونوجرافي.
• تصنيف مناهج البحث العلمي تبعًا لوجهة نظر العالم "محمد طلعت عيسي": تم تقسيم المناهج إلى: منهج التحليل الإحصائي، ومنهج دراسة الحالة الواحدة، ومنهج المسوح الاجتماعية، والمنهج المقارن، والمنهج التجريبي.
• تصنيف مناهج البحث العلمي تبعًا لوجهة نظر العالم "عبد الرحمن بدوي": تم تقسيم المناهج إلى: المنهج التجريبي، والمنهج الاستردادي (التاريخي)، والمنهج الاستدلالي.
• تصنيف مناهج البحث العلمي تبعًا لوجهة نظر العالم "محمد قاسم": تم تقسيم المناهج إلى: منهج علم الاجتماع، والمنهج التاريخي، ومنهج الرياضيات، ومنهج العلوم الطبيعية.
• تصنيف مناهج البحث العلمي تبعًا لوجهة نظر العالم "أحمد بدر": تم تقسيم المناهج إلى: المنهج الإحصائي، والمنهج التجريبي، والمنهج المونوجرافي، والمنهج المسحي.

هل الأفضل استخدام منهج علمي واحد أو أكثر عن عمل البحوث العلمية؟

أن ما يحدد استخدام البحث لمنهج علمي واحد أو أكثر هو طبيعة مادة البحث العلمي، والجوانب التي يتناولها الباحث، ومن الناحية العملية فإن النسبة الأكبر من الباحثين يستخدمون أكثر من منهج علمي، والسبب في ذلك هو حرص الباحثين على الوصول لنتائج واضحة وذات قرائن، وتجنب السلبيات التي تشوب كل منهج في حالة استخدامه على حدة.

إن مدى أصالة وفرعية استخدام منهج علمي تختلف بين بحث علمي وآخر، وعلى سبيل المثال في حالة تناول الباحث ظاهرة "زواج الفتيات المبكر"، فإن هذه القضية اجتماعية ومتشابكة ولها جذور، ويمكن في تلك الحالة أن يستخدم الباحث المنهج أو الطريقة الوصفية بصفة أساسية، مع إمكانية استخدام مناهج أخرى فرعية مساندة مثل: المنهج التاريخي أو التجريبي.  

وفي نهاية عرضنا لتعريف المنهج علمي لغة واصطلاحًا ، وجب أن نُنوِّه بأن البحث العلمي لا يستقيم من دون استخدام منهج علمي أو أكثر، وذلك من بين المقومات الرئيسية التي لا غنى عنها، وتقييم المناقشين للباحثين يتوقف بصفة أساسية على ذلك المعيار، وبناءً عليه تُقيم النتائج التي تم التوصل إليها، ومدى مصداقيتها وجدواها.