تتنوَّع استراتيجيات التعلم النشط، واستخدام إحداها يتوقف على الإمكانات المادية والخبرات البشرية التي توجد في دولة معينة، والمعنيُّ بكلمة استراتيجية طريقة منهجية ومحددة المعالم، والمقصود بمصطلح التعلم النشط رفع مستوى إيجابية الطالب ودوره، والاعتماد على التعليم الذاتي في اكتساب المعارف والمهارات، والابتعاد عن الأسلوب التقليدي، والذي كان يتمثل في التلقين والحفظ، وفيما يلي تفاصيل موضوعنا عن استراتيجيات التعلم النشط.
ما هو التعلم النشاط؟
عرف المتخصصون التعلم النشط active learning بأكثر من تعريف وجميعها يدل على ذات المعنى، وهو التحرر من التعليم السلبي الذي لا يبذل فيه المتلقي أي جهد، كما يحدث في المحاضرات النمطية والتحول إلى التعليم الإيجابي ورفع مستوى نشاط وفعالية الطلاب في مواقف التعليم المختلفة، وينصبُّ ذلك على استخدام وتنشيط مهارات التحصيل مثل: التفكيك والنقد والتركيب، مع استخدام كثير من الوسائل البحثية والتجريبية، وفي النهاية تتكون القيم والاتجاهات بالنسبة للطلاب.
ما أوجه أهمية التعلم النشط؟
تظهر أهمية التعلم النشط في أوجه متعددة، وسنلقي الضوء عليها فيما يلي:
تطبيق وسائل تكنولوجية مختلفة.
يُمكن عن طريق التعلم النشط تطبيق تكنولوجيا مختلفة، وبما يساهم في توصيل المعارف والنظريات بأسلوب شيق، وبعيدًا عن الطرق التقليدية الصلبة.
حل الإشكاليات المعقدة.
يساعد التعلم النشط في منح فرص متعددة؛ من أجل حل الإشكاليات المُعقدة، وبطريقة علمية منهجية.
تحسين الذاكرة.
إن تحسين الذاكرة يتطلب تفكيرًا متواصلًا، وطرق التعلم التقليدية لا تساعد على ذلك، وعن طريق التعلم النشط يفكر الطالب ويبحث عن المعلومات، وتشير بعض البحوث العلمية إلى أن الطلاب يتذكرون ما تتم قراءته بنسبة 10%، وما يتم سماعه بنسبة 20%، وما يتم الحصول عليه من معلومات بأنفسهم بنسبة 90%.
تنشيط عملية النقد البناء.
يقصد بالنقد البناء توضيح السلبيات والإيجابيات المتعلقة بموضوع دراسي معين، ويجب أن يقترن ذلك بدلائل منطقية، ويساعد التعلم النشط على القيام بذلك.
تعزيز التفكير خارج الصندوق.
يُعد التفكير خارج الصندوق من بين أوجه أهمية التعلم النشاط، حيث إن استراتيجياته تساعد على ذلك، ومن ثم الخروج ببدائل متعددة، ويمكن اختيار أفضلها، وتلك الطريقة تساعد على الإبداع.
تحضير المواد الدراسية.
يعتمد التعلم النشط على استثارة تفكير وذهن الطلاب، ويتطلب الأمر تحضير المواد الدراسية بشكل مُسبق قبل موعد تناولها في الحصة.
تشجيع الطلاب في التعبير عن آرائهم.
كثير من الطلاب يعزفون عن المشاركة في الحصة الدراسية بشكلها التقليد، أما بالنسبة للتعلم النشط فيلزمه قيام جميع الطلاب بالمشاركة والتعبير عما يجول بأذهانهم من أفكار.
تشجيع العمل الجماعي.
يساعد التعلم النشط على تشجيع العمل الجماعي، وبما يعزز من روح الفريق، والتواصل بين الجميع.
ما المبادئ التي يعتمد عليها التعلم النشط؟
فصَّل الخبراء مجموعة من المبادئ التي يستند إليها التعلم النشط، وسنستعرضها فيما يلي:
-
يرتبط التعلم النشط باهتمامات واحتياجات المتعلمين.
-
يعتمد التعلم النشط على التفاعل بين المتعلم والبيئة المحيطة.
-
ينبثق التعلم النشط من استعداد المتعلمين والقدرات التي يمتلكونها.
-
يمكن أن يرتبط التعلم النشط بأماكن مختلفة بخلاف الفصل الدراسي مثل المعامل أو المكتبات.
ما الأسس الخاصة بالتعلم النشط؟
يوجد عدد من الأسس الخاصة بالتعلم النشط، وسنوضحها فيما يلي:
-
تسهم استراتيجيات التعلم النشط في اكتشاف الذات ومواطن القوة والضعف لدى الطلاب.
-
مشاركة الطلاب فيما يخص نظم العمل.
-
توظيف استراتيجيات التعلم النشط لتحقيق أهداف التعليم.
-
إتاحة الفرصة لجميع الطلاب لكي يعبرون عن وجهات نظرهم.
-
مد يد العون للطلاب في حالة احتياجهم لذلك.
-
مساعدة الطلاب في الاعتماد على أنفسهم واتخاذ القرارات المناسبة.
-
الاعتماد على طريقة التقويم الذاتي في المقام الأول.
-
تنويع طرق ووسائل وأدوات التعلم.
-
إضفاء جو من المرح والمتعة والتحفيز أثناء التعليم.
ما استراتيجيات التعلم النشط الجديدة؟
هناك عدد كبير من استراتيجيات التعلم النشط الجديدة في تلك الفترة، وفي كل يوم يُطالعنا المتخصصون بما هو أفضل، وفيما يلي عرض لتلك الاستراتيجيات:
استراتيجية التعلم بالألعاب: وهو نشاط ينصبُّ على تدريب الجسم والوجدان والعقل، حيث يتم توظيف بعض الأنشطة الممتعة المسلية في اكتساب معارف ومفاهيم لا حصر لها، وهي أدوات تربوية فعالة، ومن بين ذلك ألعاب الذكاء، والمجسمات.
استراتيجية التعلم الذاتي: تُعد استراتيجية التعلم الذاتي من ضمن استراتيجيات التعلم النشط الجديدة، وفيها يتعلم الشخص بمفرده؛ حيث يبحث عن المعرفة والعلم في المصادر والمراجع المتخصصة، ومن ثم يكتسب المهارات والمفاهيم، وفي النهاية يتم التقييم.
استراتيجية K.W.L)): وهذه الحروف مختصر للكلمات know، و want، و learn، وتلك الاستراتيجية تتطلب الإجابة عن ثلاثة أسئلة محورية، وهي: ما طبيعة المعارف السابقة؟، وما الذي أرغب في تعلمه؟، وما الذي تعلمته بالفعل؟
استراتيجية تخيل دور معين: يقود التخيل إلى الإبداع والابتكار، وهذه الاستراتيجية من أبرز استراتيجيات التعلم النشط الجديدة، وعلى سبيل المثال في حالة طرح موضوع عن أهمية عمل الطبيب في المجتمع؛ فيمكن أن يطلب المعلم من الطالب أن يتخيل نفسه طبيبًا، ومن ثم يفكر فيما سيقدمه من خدمات، وفي النهاية يستنبط أوجه أهمية العمل الذي يقوم به.
استراتيجية العمل التعاوني: وفي تلك الاستراتيجية يتم تعليم الطلاب من خلال تأسيس مجموعات صغيرة، وقيام كل مجموعة بحل الواجبات الخاصة بها، وفي ذلك يمكن تبادل الأفكار والمعرفة بين أفراد المجموعة الواحدة، وبما يساعد الطلاب على اكتساب الخبرات من بعضهم.
استراتيجية التدريب العلمي: وتُعد استراتيجية التدريب العملي من بين أبرز استراتيجيات التعلم النشط، وهي تتناسب مع فئة الطلاب كبار السن، سواء في الجامعات أو غيرها، حيث يتم دعم وتأصيل ما يتم دراسته نظريًا، وتطبيقه في الواقع العملي، ويساعد ذلك على اكتساب الخبرات، ومن ثم إمكانية العمل في المستقبل دون حاجة للتدريب الأولي.
استراتيجية التفكير والمناقشة والمشاركة: وهي إحدى الاستراتيجيات المحورية بين استراتيجيات التعلم النشط الجديدة، وفيها يقوم الطالب بالتفكير ثم إجراء مناقشة مع الزملاء، ثم مشاركة الرأي مع باقي الطلاب، ويبدأ ذلك بتكوين مجموعات صغيرة يتشارك فيها كل زميلين في وضع إجابة، ويتبع ذلك المناقشة بين أفراد المجموعة الواحدة، ثم المشاركة مع باقي أفراد المجموعات بالفصل الدراسي.
استراتيجية مسرح العرائس: وتُعد استراتيجية مسرح العرائس من بين أبرز استراتيجيات التعلم النشط للفئات صغيرة السن، وجميعنا يعرف مدى حب الأطفال للشخصيات الكرتونية والدُّمى، مثل دارا وسبونج بوب وسبايدر مان.... وغيرها، ويمكن استغلال ذلك كوسيلة مثالية من أجل التعلم، وتحفيز الصغار على الإبداع وإظهار قدراتهم.
استراتيجية التفكير الناقد: التفكير الناقد إحدى أهم استراتيجيات التعلم النشط الجديدة، وتساعد على الوصول للمعارف المتنوعة واكتساب مهارات التفكير والاستدلال بشكل منطقي، حيث يعهد المعلمون إلى الطلاب بحل مشكلة معينة ترتبط بالمنهج الدراسي، وعلى سبيل المثال مشكلة تلوث البيئة، وفي البداية يتم استعراض تلك الظاهرة ومدى تفاقمها، وحين يتفهم الطلاب أن تلك مشكلة مستعصية يبدأ يطلب منهم التفكير في حلول واقعية.
استراتيجية التعليم الإلكتروني: تُعتبر استراتيجية التعليم الإلكتروني من أهم استراتيجيات التعلم والنشط الجديدة؛ حيث يتم تقديم المواد العلمية من خلال مواقع الإنترنت، ولتلك الطريقة كثير من الإيجابيات، فهي توفر الوقت والمجهود على الطلاب والمعلمين، وكذلك تمنح فرصة التعلم في أي وقت، وذلك مناسب للفئات التي تعمل بجانب الدراسة، كما أنها تجنب الأفراد الإصابة بالأمراض المُعدية.
استراتيجية القصة: تُعد استراتيجية عرض الموضوع الدراسي في صورة قصة من بين أفضل استراتيجيات التعلم النشط، ولكن ينبغي أن يكون هناك ارتباط في مضمون القصة التي يتم سردها مع مادة الدراسة، وتلك الطريقة مناسبة للأعمار الصغيرة، وتحقق أهدافها بإيجابية كبيرة وفقًا للكثير من الدراسات البحثية التي أجريت في هذا الشأن.
استراتيجية العصف الذهني: وهي عبارة عن إثارة أذهان الطلاب؛ من أجل التفكير في احتمالات واتجاهات متعددة في ظل حرية رأي تامة، ومن ثم التوصل لمجموعة كبيرة من الآراء والأفكار ذات الصلة بظاهرة أو مشكلة محددة، ومن ثم مناقشة جميع الحلول واختيار أنسبها.